الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بحوث وفتاوى في المسح على الخفين **
هذه بحوث في المسح على الخفين: وفي هذا خلاف بين العلماء. فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أن المسح عليه لا يصح. قال في المنتهى في معرض ذكر شروط المسح: وأن لا يصف البشرة لصفائه أو خفته. وذكر قبله أنه يشترط ستر محل الفرض. وفي المجموع فقيه الشافعية للنووي [1/480] ذكر قولين في الخف المخرق أصحهما لا يمسح. وفي ص [481] من أن ابن المنذر حكى عن الثوري وإسحاق ويزيد بن هارون وأبي ثور جواز المسح على جميع الخفاف. قال ابن المنذري: وبه أقول لظاهر إباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين قولاً عاماً يدخل فيه جميع أنواع الخفاف. وفي الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية ص [13] أن الخف المخرق يجوز المسح عليه مادام اسم الخف باقياً والمشي فيه ممكناً، وهو قديم قولي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء. وفي المحلى [2/100] جواز المسح على المخرق ولو ظهر أكثر القدمين مادام يتعلق بالرجلين منهما شيء، ونقل عن سفيان الثوري أنه قال: امسح مادام يسمى خفاً. وفي المجموع [2/482] إذا تخرقت الظهارة فإن كانت البطانة صفيقة جاز المسح وإلا فلا، لأنه كالمكشوف قال: وحكى الروياني والرافعي وجهاً غريباً ضعيفاً أنه يجوز وإن كانت البطانة رقيقة. وفي ص [484] حكى ابن المنذر إباحة المسح على الجورب عن تسعة من الصحابة رضي الله عنهم إلى أن قال: وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود.أ.هـ. وفي ص [486] إذا لبس خف زجاج يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإن كان ترى تحته البشرة. وفي ص 24 جـ 1 من جواهر الإكليل شرح مختصر خليل أن الجورب ملبوس رجل على هيئة الخف منسوج من قطن أو كتان أو صوف يسمى في عرف أهل مصر شراباً. الأولى: أن يكون بعد الحدث فالحكم للأسفل، ولا يمسح الأعلى. الثاني: أن يكون قبل الحدث فهو بالخيار، فإن مسح الأسفل تعلق الحكم به ولا يضره نزع الأعلى، وإن مسح الأعلى تعلق الحكم به. فإن نزعه لزم نزع الأسفل، ومتى مسح أحدهما لم ينتقل إلى الثاني. ولا يصح المسح عليهما إن كانا مخرقين، ولا على الأسفل إن كان هو المخرق. وفي الفروع [1/160]: ولا يمسح خفين لبسا على ممسوحين … ويتوجه الجواز (و) لمالك. وفي ص [172]: وإن نزع خفاً فوقانياً مسحه فعنه يلزم نزع التحتاني … فيتوضأ أو يغسل قدميه على الخلاف، وعنه لا يلزمه (وهـ م) فيتوضأ أو يمسح التحتاني مفرداً على الخلاف. أ. هـ. قلت: وعلى القول بأن النزع لا ينقض الطهارة لا شيء عليه. وفي المجموع للنووي [1/490] إذا جوزنا المسح على الجرموق (ملبوس رجل يلبس فوق الخف لا سيما في البلاد الباردة) فقد ذكر أبو العباس بن سريج فيه ثلاث معان، أصحها أن بدل عن الخف، والخف بدل عن الرجل. الثاني: أن الأسفل كلفافة والأعلى هو الخف. والثالث: أنهما كخف واحد، فالأعلى ظهارة والأسفل بطانة، وفرع الأصحاب على هذه المعاني مسائل كثيرة، وذكر منها لو نزعه بعد مسحه وبقي الأسفل بحاله، فإن قلنا بالأول لم يجب نزع الأسفل فيمسحه لكن هل يكفيه مسحه أو لا بد من إعادة الوضوء فيه القولان في نازع الخفين. وإن قلنا بالثالث فلا شيء عليه. وإن قلنا بالثاني وجب نزع الأسفل وغسل القدمين. وفي وجوب استئناف الوضوء القولان. فحصل من الخلاف في المسألة خمسة أقوال: احدها: لا يجب شيء، وأصحها مسح الأسفل فقط. الثالث: يجب مسحه مع استئناف الوضوء. الرابع: يجب نزع الخفين وغسل الرجلين. الخامس: يجب النزع واستئناف الوضوء. وفي ص [490] أيضاً: إذا لبس الخف على طهارة ثم أحدث ومسح عليه، ثم لبس الجرموق على طهارة المسح، ففي جواز المسح عليه وجهان مشهوران، ثم قال عن الجواز: إنه الأظهر المختار، لأنه لبس على طهارة. وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول. قال الرافعي: قال الشيخ أبوعلي: إذا جوزنا المسح هنا فابتداء المدة من حين أحدث بعد لبس الخف لا من لبس الجرموق. أ. هـ. وقوله من حين حين أحدث بناءً على ابتداء المدة من الحدث، وسيأتي الخلاف في ذلك. وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، فجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن المسح مؤقت بيوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر. وقال بعض أهل العلم: لا توقيت فيه. وفي المجموع [1/467]: حكاه أصحابنا عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن والشعبي وربيعة والليث وأكثر أصحاب مالك، وهو المشهور عنه. وعنه أنه موقت، وعنه موقت للحاضر دون المسافر. قال ابن المنذر: وقال سعيد بن جبير يمسح من غدوة إلى الليل. أ.هـ. وقال شيخ الإسلام في الاختيارات ص [15]: ولا تتوقت مدة المسح في المسافر الذي يشق اشتغاله بالخلع واللبس كالبريد المجهز في مصلحة المسلمين. وإذا قلنا بالتوقيت فمن أين يبتدئ؟ الجمهور من أهل العلم على أن ابتداء المدة من أول حدث بعد اللبس. وفي المجموع [1/470]: وقال الأوزاعي وأبو ثوار: ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد وداود وهو المختار الراجح دليلاً، واختاره ابن المنذر وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحكى الماوردي والشاشي عن الحسن البصري أن ابتداءها من اللبس. أ. هـ. وهذا له ثلاث حالات: الحال الأولى:أن يكون التغير قبل الحدث مثل أن يلبس الخفين مقيماً ثم يسافر قبل أن يحدث، أو يلبسهما مسافراً ثم يقدم بلده قبل أن يحدث. ففي المسألة الأولى يمسح مسح مسافر، قال في المجموع [2/472] بالإجماع، وفي المسألة الثانية يمسح مسح مقيم، ولا إشكال في ذلك. الحال الثانية: أن يكون التغير بعد الحدث وقبل المسح، مثل أن يلبس الخفين مقيماً ثم يحدث ثم يسافر قبل أن يمسح، أو يلبسهما مسافرا ثم يحدث ثم يقدم بلده قبل أن يمسح. ففي المسألة الأولى يمسح مسح مسافر. قال في الإنصاف [1/179]: هذا المذهب وعليه الأصحاب ورمز لذلك الفروع[1/168] بالواو إشارة لموافقة الأئمة الثلاثة.قال:وعنه مسح مقيم..الخ.أ.هـ. وفي المغني [1/290] لا نعلم خلافاً أنه يتم مسح مسافر. وفي المسألة الثاني يمسح مسح مقيم، ولم أر في ذلك خلافاً. الحال الثالثة: أن يكون التغير بعد الحدث والمسح مثل أن يلبس الخفين ويمسح عليهما مقيماً ثم يسافر، أو يلبس الخفين ويمسح عليهما مسافراً ثم يقدم بلده بعد ذلك، ففي هذه الحال خلاف بين أهل العلم. أما المسألة الأولى: فلا يخلو إما أن تكون مدة مسح المقيم قد انتهت أو لا. فإن كانت قد انتهت فلا مسح ولم أر في ذلك خلافاً إلا ما ذكره في المحلى [2/109] أن يتم مسح مسافر، وإن كانت مدة مسح المقيم باقية ففي ذلك خلاف. فمذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية عنه وإسحاق وداود في رواية عنه يتم مسح مسافر، وهو رواية عن أحمد وداود. انظر المجموع [1/472]. قال في المغني [1/292]: قال الخلال: رجع أحمد عن قوله الأول إلى هذا. وفي الإنصاف [1/178] عن صاحب الفائق: هو النص المتأخر وهو المختار. أ.هـ. وأما المسألة الثانية: فلا يخلو إما أن تكون مدة مسح المسافر قد انتهت أو لا. فإن كانت قد انتهت فلا مسح، وإن كانت باقية أتم مسح مقيم إن بقي من مدته شيء. قال في المغني [1/293]: وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي ولا أعلم فيه مخالفاً أ. هـ. ورمز لذلك في الفروع [1/168] بالواو إشارة لموافقة الأئمة الثلاثة. قال: وفي المبهج مسح مسافر إن كان مسح مسافراً فوق يوم وليلة أ.هـ. وفي المحلى [2/109] يبتدئ مسح مقيم إن كان قد مسح في السفر يومين وليلتين فأقل وإلا أتم مسح مسافر إن بقي من مدته شيء. في هذا خلاف بين العلماء. ذكره في المجموع [1/511]. القول الأول: تبقى طهارته ولا يلزمه شيء، فيصلي بطهارته ما لم يحدث. وقد حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وقتادة وسليمان بن حرب واختاره. قال النووي: وهو المختار الأقوى. قلت: واختاره ابن حزم [2/94] ونقله في المسألة الأولى (انتهاء المدة) عن إبراهيم النخعي والحسن البصري وابن أبي ليلى وداود وقال: هذا هو القول الذي لا يجوز غيره. قال ص [95]: ولو مسح قبل انقضاء أحد الأمدين بدقيقة كان له أن يصلي به ما لم يحدث. وقال عن المسألة الثانية [2/105] إنه قول طائفة من السلف. وهو أيضاً اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألتين. القول الثاني: يلزمه غسل القدمين فقط، وبه قال عطاء وعلقمة والأسود، وحكي عن النخعي، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والثوري وأبي ثور والمزني ورواية عن أحمد. القول الثالث: يلزمه الوضوء، وبه قال مكحول والنخعي والزهري وابن أبي ليلى والأوزاعي والحسن ابن صالح وإسحاق، وهو أصح الروايتين عن أحمد. القول الرابع: يلزمه الوضوء إن طال الفصل بين النزع وغسل الرجلين وإلا كفاه غسل الرجلين، وبه قال مالك والليث. وإلى هنا تم ما أردنا كتابته، فنسأل الله تعالى أن ينفع بها إنه جواد كريم. ثم ذلك في يوم الأربعاء الموافق 16 ربيع الثاني عام 1407 هـ. بقلم كاتبه محمد الصالح العثيمين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فهذه مسائل في المسح على الخفين اقتصرت فيها على ما رأيته صواباً بمقتضى الأدلة الشرعية، أسأل الله تعالى أن تكون خالصة لله صواباً على شريعة الله. 1 – اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جواز المسح على الخف المخرق. والصحيح جوازه مادام اسم الخف باقياً، وهو قول ابن المنذر، وحكاه عن الثوري، وإسحاق، ويزيد بن هارون، وأبي ثور، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية مادام اسم الخف باقياً والمشي به ممكناً. 2 – ويجوز المسح على الخف الرقيق على القول الصحيح. قال النووي: حكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود. وقال الصحيح بل الصواب ما ذكره القاضي أبو الطيب والقفال وجماعات من المحققين أنه إن أمكن متابعة المشي عليه جاز كيف كان وإلا فلا. 3 – مدة المسح على يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر. وابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث على القول الصحيح وهو إحدى الروايتين عن احمد، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور، واختاره ابن المنذر وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. قال النووي: وهو المختار الراجح دليلاً. 4 – إذا لبس في الحضر ثم سافر قبل أن يحدث فمسحه مسح مسافر. 5 – إذا لبس في السفر ثم أقام قبل أن يحدث فمسحه مسح مقيم. 6 – إذا لبس في الحضر فأحدث ثم سافر قبل أن يمسح فمسحه مسح مسافر. 7 – إذا لبس في السفر فأحدث ثم أقام قبل أن يمسح فمسحه مسح مقيم. 8 – إذا لبس في الحضر فأحدث ومسح ثم سافر قبل أن تنتهي مدة المسح أتم مسح مسافر على القول الصحيح، وهو مذهب أبي حنيفة، والرواية التي رجع إليها أحمد عن قوله يتم مسح مقيم. قال في الفائق: وهو النص المتأخر – يعني عن أحمد – وهو المختار. أ.هـ. وإن انتهت مدة المسح قبل أن يسافر وجب عليه عند الوضوء خلعهما وغسل الرجلين. 9 – إذا لبس في السفر فأحدث ومسح ثم أقام أتم مسح مقيم إن بقي من المدة شيء وإلا خلع. قال في المغني: لا أعلم فيه مخالفاً. 10 – إذا لبس جورباً أو خفاً ثم لبس عليه آخر قبل أن يحدث فله مسح أيهما شاء. 11 – إذا لبس جورباً أو خفاً ثم أحدث ثم لبس عليه آخر قبل أن يتوضأ فالحكم للأول. 12 – إذا لبس جورباً أو خفاً ثم أحدث ومسحه، ثم لبس عليه آخر فله مسح الثاني على القول الصحيح. قال في الفروع: ويتوجه الجواز وفاقاً.أ.هـ. وقال النووي: إن هذا هو الأظهر المختار، لأنه لبس على طهارة وقولهم إنها طهارة ناقصة غير مقبول.أ.هـ. وإذا قلنا بذلك كان ابتداء المدة من مسح الأول. 13 – إذا لبس خفاً على خف أو جورب ومسح الأعلى ثم خلعه، فهل يمسح بقية المدة على الأسفل ؟ لم أر من صرح به لكن ذكر النووي عن أبي العباس بن سريج فيما إذا لبس الجرموق على الخف ثلاثة معان: منها أنهما يكونان كخف واحد، الأعلى ظهارة والأسفل بطانة. قلت: وبناء عليه يجوز أن يمسح على الأسفل حتى تنتهي المدة من مسحه على الأعلى كما لو كشطت ظهارة الخف فإنه يمسح على بطانته. 14 – إذا خلع الخف أو الجورب بعد مسحه لم تنتقض طهارته بذلك، فيصلي ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح، حكاه ابن المنذر عن جماعة من التابعين، واختاره وحكاه ابن حزم عن طائفة من السلف. قال النووي: وهو المختار الأقوى واختاره أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية. 15 – إذا تمت مدة المسح لم تنتقض طهارته بذلك فيصلي ما شاء حتى يحدث على القول الصحيح واختاره من اختار عدم النقض في المسألة التي قبلها قال ابن حزم: وهو القول الذي لا يجوز غيره. وقال أيضاً: لو مسح قبل انقضاء أحد الأمدين – يعني أمدي المسافر والمقيم – بدقيقة فإن له أن يصلي به ما لم يحدث أ.هـ. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. حرر في 7 من ربيع الثاني عام أحد عشر وأربعمائة وألف 7/4/1411 هـ على يد محرره محمد الصالح العثيمين، والحمد لله رب العالمين.
* * * بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، واصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد. فقد سمعت جواب هذه الأسئلة التي وجهت إلي في باب مسح الخفين والعمائم والجبيرة، وكانت مطابقة للجواب الذي صدر مني على المسجل، وأدخلت عليها شيئاً يسيراً من التعديلات، وقد أذنت بطبعها لمن أراد أن يطبعها بشرط العناية بالتصحيح وأن لا يحتفظ بحقوق الطبع لنفسه ولا لغيره. وأسال الله للجميع التوفيق والقبول. قال ذلك كاتبه محمد الصالح العثيمين في 19/5/1410 هـ
جـ1: الحمد لله رب العالمين، واصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. المقصود بالخفاف ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه.والمقصود بالجوارب ما يلبس عليها من قطن ونحوه، وهو ما يعرف بالشراب.
* * * جـ2: المسح عليهما هو السنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرجل.ودليل ذلك: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ومشروعية المسح على الخفين ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه سلم. أما كتاب الله ففي قوله تعالى: إحداهما: والثانية: وأما دلالة السنة على ذلك فالسنة متواترة في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس في قلبي من المسح شيء. فيه أربعون حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومما يذكر من النظم قول الناظم مما تواتر حديث من كذب ومن بنى الله بيتاً واحتسب ورؤية شفاعة والحوض ومسح خفين وهذي بعض فهذا دليل مسحهما من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
* * * جـ3: يشترط للمسح على الخفين أربعة شروط: الشرط الأول: أن يكون لابساً لهما على طهارة، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة: الشرط الثاني: أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرة، فإن كانت نجسة فإنه لا يجوز المسح عليها، ودليل ذلك والشرط الثالث: أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل، ودليل ذلك حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه. الشرط الرابع: أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعاً، وهو يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر، لما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: وهذه المدة تبتدئ من أول من أول مرة مسح بعد الحدث، وتنتهي بأربع وعشرين ساعة بالنسبة للمقيم، واثنتين وسبعين ساعة بالنسبة للمسافر. فإذا قدرنا أن شخصاً تطهر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء، ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، فلو قدر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة، فإن له أن يصلي الفجر أي فجر يوم الخميس بهذا المسح ويصلي ما شاء من أيضاً مادام على طهارته، لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوقت الطهارة وإنما وقت المسح، فإذا تمت المدة فلا مسح ولكنه إذا كان على طهارة فطهارته باقية، لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يرتفع إلا بدليل شرعي، ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح، ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله. فهذه الشروط التي تشترط للمسح على الخفين، وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر.
* * * جـ4:هذا الشرط ليس بصحيح لأنه لا دليل عليه، فإن اسم الخف أو الجورب مادام باقياً فإنه يجوز المسح عليه، لأن السنة جاءت بالمسح على الخف على وجه مطلق، وما أطلقه الشارع فإنه ليس لأحد أن يقيده إلا إذا كان لديه نص من الشارع أو قاعدة شرعية يتبين بها التقييد، وبناءً على ذلك فإنه يجوز المسح على الخف المخرق، ويجوز المسح على الخف الخفيف لأنه ليس من الخف الستر – ستر البشرة - وإنما المقصود من الخف أن يكون مدفئاً للرجل ونافعاً لها، وإنما أجيز المسح على الخف لأن نزعه يشق وهذا لا فرق فيه بين الجورب الخفيف والجورب الثقيل ولا بين الجورب المخرق والجورب السليم، والمهم أنه ما دام اسم الخف باقياً فإن المسح عليه جائز
* * * جـ5: لا يجوز له أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم، لقوله صلى الله عليه وسلم:
* * * جـ6: النية هنا غير واجبة، لأن هذا عمل علق الحكم على مجرد وجوده فلا يحتاج إلى نية، كما لو لبس الثوب فإنه لا يشترط في لبس الخفين أن ينوي أنه سيمسح عليهما. ولا كذلك نية المدة بل عن كان مسافراً فله ثلاثة أيام نواها أم لم ينوها، وإن كان مقيماً فله يوم وليلة نواها أم لم ينوها.
* * * جـ7: السفر الذي يجوز فيه قصر الصلاة هو السفر الذي تكون مدة المسح فيه ثلاثة أيام بلياليها، لأن حديث صفوان بن عسال الذي ذكرناه يقول إذا كنا سفراً، فمادام الإنسان مسافراً يقصر الصلاة فإنه يمسح ثلاثة أيام.
* * * جـ8: إذا مسح وهو مقيم ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر على القول الراجح. وإذا كان مسافراً ثم قدم فإنه يتم مسح مقيم، هذا هو القول الراجح، وذكر بعض أهل العلم أنه إذا مسح في الحضر ثم سافر أتم مسح مقيم ولكن الراجح ما قلناه أولاً، لأن هذا الرجل قد بقي في مدة مسحه شيء قبل أن يسافر وسافر، فيصدق عليه أنه من المسافرين الذين يمسحون ثلاثة أيام.
* * * جـ9: في هذه الحال يبني على اليقين، فإذا شك هل مسح لصلاة الظهر أو لصلاة العصر فإنه يجعل ابتداء المدة من صلاة العصر، لأن الأصل عدم المسح، ودليل هذه القاعدة وهو أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن الأصل العدم:
* * * جـ10: إذا مسح بعد انتهاء مدة المسح سواءً كان مقيماً أو مسافراً فإن ما صلاه بهذه الطهارة يكون باطلاً، لأن وضوءه باطل حيث إن مدة المسح انتهت، فيجب عليه أن يتوضأ من جديد وضوءاً كاملاً بغسل رجليه، وأن يعيد الصلوات التي صلاها بهذا الوضوء الذي مسح به بعد انتهاء المدة.
* * * جـ11: إذا نزع الشراب ثم أعادها وهو على وضوئه فإذا كان هذا هو الوضوء الأول أي إن لم ينتقض وضوءه بعد لبسه فلا حرج عليه أن يعيدها ويمسح عليها إذا توضأ، أما إذا كان هذا الوضوء وضوءاً مسح فيه على شرابه فإنه لا يجوز له إذا خلعهما أن يلبس ويمسح عليها، لأنه لا بد أن يكون لبسها على طهارة بالماء، وهذه طهارة بالمسح، هذا ما يعلم من كلام أهل العلم. ولكن إن كان أحد قال بأنه إذا أعادها على طهارة ولو على طهارة المسح له أن يمسح ما دامت المدة باقية، لأن هذا قول قوي ولكنني لم أعلم أن أحداً قال به فالذي يمنعني من القول به هو أنني لم أطلع على أحد قال به، فإن كان قال به أحد من أهل العلم فهو الصواب عندي، لأن طهارة المسح طهارة كاملة فينبغي أن يقال إنه إذا كان يمسح على ما لبسه على طهارة غسل فليمسح على ما لبسه على طهارة مسح. لكنني ما رأيت أحداً قال بهذا. جـ: إذا خلع الخف لا تبطل طهارته لكن يبطل مسحه دون الطهارة، فإذا أرجعهما مرة أخرى وانتقض وضوءه، فلا بد أن يخلع الخف ويغسل رجليه، والمهم أن نعلم أنه لا بد أن يلبس الخف على طهارة غسل فيها الرجل على ما علمناه من كلام أهل العلم.
* * * جـ12: هذا فيه خلاف، فمن أهل العلم من يرى أنه إذا مسح أحد الخفين الأعلى أو الأسفل تعلق الحكم به ولا ينتقل إلى ثان. ومنهم من يرى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني ما دامت المدة باقية، فمثلاً إذا مسح على الكنادر ثم خلعها وأراد أن يتوضأ فله أن يمسح على الجوارب التي هي الشراب على القول الراجح، كما أنه إذا مسح على الجوارب ثم لبس عليها جوارب أخرى أو كنادر ومسح على العليا فلا بأس به على القول الراجح ما دامت المدة باقية لكن تحسب المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني.
* * * جـ13: كيفية المسح أن يمر يده من أطراف أصابع الرجل إلى ساقه فقط، يعني أن الذي أن الذي يمسح هو أعلى الخف، فيمر يده من عند أصابع الرجل إلى الساق فقط، ويكون المسح باليدين جميعاً على الرجلين جميعاً، يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة كما تمسح الأذنان، لأن هذا هو ظاهر السنة لقول المغيرة ابن شعبة: فمسح عليهما، ولم يقل: بدأ باليمنى، بل قال مسح عليهما. فظاهر السنة هو هذا، نعم لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى. وكثير من الناس يمسح بكلا يديه على اليمنى وكلا يديه على اليسرى. هذا لا أصل له فيما أعلم، إنما العلماء يقولون: يمسح باليد اليمنى على اليمنى واليد اليسرى على اليسرى.
* * * جـ14: صلاتهم صحيحة، ووضوئهم صحيح، لكن ينبهون على أن المسح من الأسفل ليس من السنة، ففي السنن من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
* * * جـ15: لا أدري هل يصح عنهما أولا. وقد ذكرت قبل هذا أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ممن روى أحاديث المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث بها بعد موته، وبين أن الرسول وقتها، وهذا يدل على أن الحكم ثابت عنده إلى ما بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن النسخ.
* * * جـ16: ليس هناك فرق بين الرجال والنساء في هذا، وينبغي أن تعلم قاعدة وهي أن الأصل أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، وأن ما ثبت في حق النساء ثبت في حق الرجال إلا بدليل يدل على اقترافهما. * * * جـ17: إذا أدخل يديه من تحت الشراب (الجوارب) فلا بأس في ذلك ولا حرج، أما إن خلعها فينظر إن خلع جزءاً يسيراً فلا يضر، وإن خلع شيئاً كثيراً بحيث يظهر أكثر الدم فإنه يبطل المسح عليهما في المستقبل.
* * * جـ18: نعم هذا مشهور عند العامة يظنون أن المسح يوماً وليلة يعني أنه لا يمسح إلا خمس صلوات وهذا ليس بصحيح، بل التوقيت بيوم وليلة يعني أن له أن يمسح يوماً وليلة سواءً صلى خمس صلوات أو أكثر، وابتداء المدة كما سبق من المسح فقد يصلي عشر صلوات أو أكثر، فلو أن أحداً لبس الخف لصلاة الفجر يوم الاثنين وبقي على طهارته حتى نام ليلة الثلاثاء ثم مسح على الخف أول مرة لصلاة الفجر يوم الثلاثاء فهنا له أن يمسح إلى صلا ة الفجر يوم الأربعاء، فيكون هنا صلى بالخف يوم الاثنين الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، كل هذه المدة لا تحسب له لأنها قبل المسح، وصلى يوم الثلاثاء الفجر ومسح، والظهر مسح، والعصر مسح، والمغرب مسح، والعشاء مسح، وكذلك يمكن أن يمسح لصلاة يوم الأربعاء إذا مسح قبل أن تنتهي المدة، مثل أن يكون قد مسح يوم الثلاثاء لصلاة الفجر في الساعة الخامسة إلا ربعاً، وبقي على طهارته إلى أن صلى العشاء ليلة الخميس، فهنا يصلي بهذا الوضوء صلاة الفجر يوم الأربعاء والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فيكون صلى خمس عشرة صلاة من حين لبس، لأنه لبسهما لصلاة الفجر من يوم الثلاثاء الساعة الخامسة، ومسح لصلاة الفجر يوم الأربعاء الساعة الخامسة إلا ربعاً، وبقي على طهارته حتى صلى العشاء فيكون صلى خمس عشرة صلاة.
* * * جـ19: القول الراجح من أقوال أهل العلم الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم أن الوضوء لا ينتقض بخلع الخف، إذا فإذا خلع خفه وهو على طهارة وقد مسحه فإن وضوءه لا ينتقض، وذلك لأن الرجل إذا مسح على الخف فقد تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي، فإذا خلعه فإن هذه الطهارة الثابتة بمقتضى الدليل الشرعي لا يمكن نقضها إلا بدليل شرعي، ولا دليل على أن خلع الممسوح من الخفاف أو الجوارب ينقض الوضوء وعلى هذا فيكون وضوءه باقياً، ولكن لو أعاد الخف بعد ذلك وأراد أن يمسح عليه في المستقبل فلا، على ما أعلمه من كلام أهل العلم.
جـ20: المسح على العمامة مما جاءت به السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيجوز المسح عليها، فيمسح على العمامة كلها أو أكثرها، ويسن أيضاً أن يمسح ما ظهر من الرأس كالناصية وجانب الرأس والأذنين (7) * * * جـ21: أما شماغ الرجل والطاقية فلا تدخل في العمامة قطعاً. وأما ما يلبس في أيام الشتاء من القبع الشامل للرأس والأذنين والذي قد تكون في أسفله لفة على الرقبة فإن هذا مثل العمامة لمشقة نزعه، فيمسح عليه. وأما النساء فإنهن يمسحن على خمرهن على المشهور من مذهب الإمام أحمد إذا كانت مدارة تحت حلوقهن، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن.
* * * جـ22: الظاهر أن الطربوش إذا كان لا يشق نزعه فلا يجوز المسح عليه، لأنه يشبه الطاقية من بعض الوجوه، والأصل وجوب مسح الرأس حتى يتبين لإنسان أن هذا مما يجوز المسح عليه.
* * * جـ23: أولاً لابد أن نعرف ما هي الجبيرة، الجبيرة في الأصل ما يجبر به الكسر، والمراد بها في عرف الفقهاء ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة مثل الجبس الذي يكون على الكسر أو اللزقة التي تكون على الجرح أو على ألم في الظهر أو ما أشبه ذلك فالمسح عليها يجزئ الغسل. فإذا قدرنا أن على ذراع المتوضئ لزقة على جرح يحتاج إليها فإنه يمسح عليها بدلاً من الغسل، وتكون هذه الطهارة كاملة بمعنى أنه لو فرض أن هذا الرجل نزع هذه الجبيرة أو اللزقة فإن طهارته تبقى ولا تنتقض لأنها تمت على وجه شرعي، ونزع اللزقة ليس هناك دليل على أنه ينتقض الوضوء أو ينقض الطهارة، وليس في الجبيرة دليل خال من معارضة.فيها أحاديث ضعيفة ذهب إليها بعض أهل العلم، وقال: إن مجموعها يرفعها إلى أن تكون حجة.ومن أهل العلم من قال: إن لضعفها لا يعتمد عليها، وهؤلاء اختلفوا فمنهم من قال: إنه يسقط تطهير هذا العضو أو يسقط تطهير محل الجبيرة لأنه عاجز عنه، ومنهم من قال: بل يتيمم له ولا يمسح عليها.لكن أقرب الأقوال إلى القواعد بقطع النظر عن الأحاديث الواردة فيها، أقرب الأقوال أنه يمسح، وهذا المسح يغنيه عن التيمم فلا حاجة إليه، وحينئذٍ نقول: إنه إذا وجد جرح في أعضاء الطهارة فله مراتب: المرتبة الأولى: أن يكون مكشوفاً ولا يضره الغسل، ففي هذه الحال يجب عليه غسله. المرتبة الثانية: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل دون المسح، ففي هذه المرتبة يجب عليه المسح، دون الغسل. المرتبة الثالثة: أن يكون مكشوفاً ويضره الغسل والمسح، فهنا يتيمم له. المرتبة الرابعة: أن يكون مستوراً بلزقة أو شبهها محتاج إليها، وفي هذه الحال يمسح على هذا الساتر ويعنيه عن غسل العضو.
* * * جـ24: الجبيرة لا يمسح عليها إلا عند الحاج فيجب أن تقدر بقدرها، وليست الحاجة هي موضع الألم أو الجرح فقط، بل كل ما يحتاج إليه في تثبيت هذه الجبيرة أو هذه اللزقة مثلاً فهو من الحاجة.
* * * جـ25: نعم يدخل، ثم ليعلم أن الجبيرة ليست كالمسح على الخفين تقدر بمدة معينة بل له أن يمسح عليها ما دامت الحاجة داعية إلى بقائها، وكذلك أيضاً يمسح عليها في الحدث الأصغر والحدث الأكبر بخلاف الخف كما سبق، فإذا وجب عليه الغسل يمسح عليها كما يمسح في الوضوء.
* * * جـ26: نعم يعمها كلها، لأن الأصل أن البدل له حكم المبدل ما لم ترد السنة بخلافه، فهنا المسح بدل عن الغسل، فكما أن الغسل يجب أن يعم العضو كله فكذلك المسح يجب أن يعم جميع الجبيرة، وأما المسح على الخفين فهو رخصة وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه.
* * *
|